سأروي لكم قصة إنقاذ قوت شعب بأسره ، إنقاذ أحلام شباب كادت أن تضيع هباء منثورا، قصة نجاة مُسْتقْبل أطفال وجدوا أنفُسَهُمْ ودون ذنب وسط بلد عصفت شتىٰ أصنافُ الْفِتَن والحُرُوب... سأروي لَكُم قصة إنقاذ وطن، قصة ميناء السدرة النفطي.
أكبر ميناء لتصدير النفط الخام بأفريقيا، يحتوي على حظيرة خزانات أساسها 19 خزان ذوات السطع العائم. تتباين أحجامها حسب قدرتها الاستيعابية من 250 الف برميل وحتى 500 الف برميل (نصف مليون برميل من النفط الخام). كل هذا المخزن مرتبط بخمس منصات بحرية موجودة في عرض البحر لغرض تزويت ناقلات النفط العملاقة والتي تقدر حمولة الواحدة منها الى مليون برميل.
في العامين 2014، 2015 وقع الميناء وهذا المخزن العملاق بين سندان ومطرقة حروب ما يعرف بعملية الشروق و كذلك جماعات تنظيم الدولة الإرهابية المعروفة ب (داعش). كل الخزانات كانت ممتلئة بالنفط حينها، وقع عدد من القذائف داخل الحظيرة مما أدىٰ لأندلاع النيران ببعض منها. هرعت السلطات الليبية وقتها للاستنجاد بالمجتمع الدولي وناشدت بعض الدول لأنقاذ كمية هائلة من الخام من الاحتراق تقدر بملايين الدولارات، لكن لم يكترث احد. اشترطت شركات إطفاء أمريكية الحصول على مبلغ وقدره 6 ملايين دولار لإطفاء الحريق، هذا بالاضافة لاشتراطهم ان يكون الوضع آمن تماماً (الامر الذي كان مستحيلاً وقتها)..
هنا تحرك شباب من فرق السلامة والإطفاء بشركات (الواحة، راس لانوف، سرت، البريقة) وبدأوا بعمليات الاطفاء وسط جحيم الحرب التي كانت تندلع من حين لأخر. ورُغْم قلة الإمكانيات والدعم وحجم الحرائق وكذالك إنتشار الدواعش والحرب، تمكن هؤلاء الشباب من إخماد الحريق وبإختراف تام ولله الحمد، (غامروا بحياتهم من أجل إنقاذ قوت 6 مليون نسمة)
إحتراق حوالي 12 خزان داخل الحظيرة منها ما دُمَّر بشكل كامل ومنها ما هو يحتاج لصيانة متفاوتة التقدير.
هنا أحببت أن أنقل لكم القصة بمجموعة صور لتلك الخزانات وأخذت عينة خزان رقم 12 والذي هو الان يقترب من الانتهاء بعد صيانة دامت حوالي 3 أشهر من العمل المتواصل، وهو قادر على استيعاب ربع مليون برميل يومياً. وكذلك بعض الصور لمحطة الاطفاء وأفرادها الشجعان الذي قاموا بإنقاذ ما يمكن إنقاذه والذين الى اليوم لازالوا على أهُبة الاستعداد للتحرك لحماية قوت الشعب الليبي.
قصة إنقاذ وطن.
بقلم Mohamed Amgahd